كشفت وثائق داخلية “حساسة” للخارجية الأمريكية، نشرها موقع مجلة “فورين بوليسي” عن سعي إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب تقليص المساعدات لمصر بنحو 50% ، مقابل زيادة المساعدات للضفة وغزة بـ 4.6%.

لكن الوثائق لم تقدم توضيحات لتلك التغيرات المقترحة، المرهونة بتصديق الكونجرس، غير أن زيادة المساعدة للضفة والقطاع، تمثل بحسب خبراء، دافعا للفلسطينيين لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل.

الوثائق الخاصة بتقليص المساعدات الخارجية للولايات المتحدة تمثل حتى الآن اقتراح ميزانية فقط ولتحويله لسياسات عملية يتطلب ذلك تصديق الكونجرس، الذي يتوقع أن يشهد معارضة شديدة للأمر، من قبل الجمهوريين أو الديمقراطيين على حد سواء.

وتشير الوثائق ذاتها إلى أن اقتراح الميزانية الذي قدمه ترامب يقضي بتقليص المساعدات الخارجية بدءأ من العام المالي القادم لمعظم دول إفريقيا وأسيا، بما فيها الدول الحليفة لواشنطن، كمصر والأردن. وذلك دون المساس بالمساعدات العسكرية التي تحصل عليها تلك الدول من ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية.

ويعتزم ترامب تقليص المساعدات الخارجية لمصر من 142،650 مليون دولار إلى 75 مليون دولار، فيما ينوي خفص المساعدات للأردن من 812 مليون دولار إلى 636 مليون دولار، بتقليص نسبته 21.7%.

في المقابل يسعى الرئيس الأمريكي لزيادة المساعدات التي يتلقاها الفلسطينيون بالضفة الغربية وقطاع غزة، لتصل خلال العام المالي القادم إلى 215 مليون دولار، بعدما توقفت العام الماضي عند نحو 205 مليون دولار.

وبحسب الموقع،فإن التقليصات المرتقبة في ميزانية المساعدات لمصر والأردن غير مفهومة بالمرة، وتأتي بعد محادثات أجراها مؤخرا ترامب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله، شهدت تأكيدات على توطيد التعاون بين الدولتين والولايات المتحدة.

قال الكاتب بواشنطن بوست ريتشارد كوهين إن صورة أميركا التي كانت موضع أحلام الناس على نطاق العالم قد ماتت حتى في أذهان الشباب في أكثر المناطق اضطرابا، وإن السبب في ذلك هو الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
أما الآن، يقول الكاتب، فقد أظهرت أميركا وجهها القبيح للعالم. والسبب هو ترمب “المولع بالخصام وغير المتسامح، والكاذب والغاضب والقاسي القلب والأقبح وسط الأميركيين”. كما أن ترمب خيّب أمل اللاجئين وأضر بالسياحة حيث انخفض عدد السياح فور إصداره حظر السفر لأميركا في يناير/كانون الثاني الماضي.
وكتب كوهين أن الناس بدؤوا بعد مجيء ترمب يرون أن تمثال الحرية المنصوب بمدخل أميركا لم تعد يده الممتدة لأعلى تدعو القادمين لدخول البلاد وترحب بهم، بل أصبحت مثل يد الشرطي التي توقف القادمين عند الحدود.
وقال إن فقدان دولارات السياحة أو عوائد الضرائب لا يهم أكثر من فقدان الصورة التي كان يحملها الأميركيون عن بلادهم، مضيفا أنه لم يكن يعرف معنى استثنائية أميركا، “لكن من المؤكد أنها تنطبق على الشعور بالخصوصية الذي يحس به الأميركي في الخارج”.
ووصف الكاتب معسكر داداب بأنه يؤوي 450 ألف لاجئ هربوا من الحرب في الصومال وقد شيدته الأمم المتحدة قبل 25 عاما، وأن ظروف المعيشة به قاسية إذ يعتمد سكانه على مساعدات الأمم المتحدة ومنظمات العون، وأن سكانه لا يرون نهاية منظورة للحرب ببلادهم، ورغم ذلك لم يعد الشباب بهذا المعسكر يتطلعون للسفر لأميركا.
واختتم كوهين مقاله بأن صديقه الأميركي وصف له داداب بأنه نقطة ميتة وسط صحراء تعاني ظمأ لا نهاية له حيث تقاوم أشجاره لكي تستمر على قيد الحياة، ورغم ذلك لم تعد أميركا التي كانت إمبراطورية الأمل الكبير محط أمل لأحد في داداب.