عادة ما يكون التصالح مع الماضي نقطة لصناعة الحاضر والانطلاق للمستقبل، لكن عندما تعلق الأمر بـ”مشروع قانون المصالحة الاقتصادية” المقترح في تونس كانت محاولة التصالح مع الماضي لمرتين بداية لشقاق سياسي وشعبي وحجر عثرة في طريق تونس نحو المستقبل.

وتجدد هذه الأيام الحديث عن إعادة طرح مشروع قانون المصالحة الاقتصادية وتجدد الجدل بين الشخصيات والأحزاب المتحمسة والمعارضة له، وثارت مشاعر الغضب مع ظهور صهري الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي على شاشات الفضائيات، وهو ما اعتبره البعض تمهيدا لعودتهما إلى تونس.

كانت البداية في يوليو 2015 عندما اقترح الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي القانون قائلا “إنه حان الوقت لتجاوز حقبة الماضي وإنه لابد من مصالحة وطنية.. وقيل حينها إن القانون يهدف إلى طي صفحة الماضي وإغلاق الملفات المرتبطة بالانتهاكات المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام.

وأثار مشروع القانون جدلا واسعا في الأوساط السياسية والاجتماعية والحقوقية في تونس حيث اعتبره كثيرون محاولة “لتبييض الفساد والفاسدين”، ونظمت الأحزاب وعدد من منظمات المجتمع المدني الكثير من الاحتجاجات رغم رفض الشرطة إعطاء تصاريح لها، ورغم قانون الطوارئ الذي كان مفروضا حينها وتلويح الشرطة بتطبيق القانون.

وواجه مشروع القانون، حركة شبابية احتجاجية على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقت على نفسها اسم (مانيش مسامح)، وأسفرت الضجة الشعبية الحاصلة عن تعطيل مناقشة مشروع القانون في البرلمان.

وبعد مرور عام وتحديدا في شهر يوليو 2016 أعيد طرح نسخة معدلة جديدة من مشروع القانون غير أن النسخة المعدلة هي الأخرى واجهت احتجاجات من قبل نواب المعارضة، خاصة الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي، حيث دعوا إلى سحبه من مجلس النواب.

فيما عاد الحديث مجددا عن القانون

ويعفو مشروع القانون، حال إقراره، عن قرابة 400 رجل أعمال محسوبين على نظام زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة 2011، تورطوا في قضايا فساد، كما ينص على العفو عن الموظفين العموميين، وأشباههم بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية.