لا يمكن اعتبار لقاء بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ، مجرد اجتماع عادي. وكما أسس اللقاء السابق بينهما في موسكو في 21 أكتوبر/تشرين الأول عام 2015 لمرحلة منع النظام من السقوط، فإن اجتماعهم الأخير يعلن عن تقسيم العمل بين الطرفين في المرحلة المقبلة تحت الوصاية الروسية.
ما بين اللقاءين حصلت تطورات كثيرة يمكن تلخيصها بجملة واحدة وهي أن بوتين انتشل الأسد من الموت، وسبق لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن قال ذلك بصريح العبارة في مطلع العام الحالي: “إن العاصمة دمشق كانت ستسقط أثناء أسبوعين أو ثلاثة في يد الإرهابيين لولا هذا التدخل”.

صحيح أن إيران لم تترك وسيلة منذ بداية الثورة السورية في مارس/آذار 2011 إلا واستخدمتها من أجل منع نظام الأسد من السقوط، إلا أن صاحب الفضل على الأسد هي روسيا التي خاضت معركة النظام بكل الأسلحة، عسكرياً ودبلوماسياً وحتى اقتصادياً، ولذلك ليس غريبا أن تكون اليوم صاحبة اليد الطولى في هذا البلد.
حين ذهب الأسد إلى موسكو قبل عامين كان الرأي السائد هو أن الروس استدعوه كي يبلغوه بضرورة أن يستعد للرحيل، ذلك أن وضع نظامه لم يكن يسمح بأكثر من ذلك، ولكن حصل العكس، وسار الروس باتجاه هدف واحد وهو إيقاف النظام على قدميه.

اليوم يريد البعض أن يوهم السوريين بأن الروس استدعوا الأسد من أجل فتح صفحة جديدة، عنوانها “العملية السياسية” التي تقوم على مشاركة النظام والمعارضة في فتح صفحة جديدة، ولكن في حقيقة الأمر كان اللقاء مكرسا ليشرحوا له دوره كحاكم مفوض من قبل نظام الوصاية والاحتلال الروسي.

لن يتغير الحال كثيرا بالنسبة للسوريين الذين لا يرون في بوتين والأسد سوى مجرمَي حرب، ورغم فداحة الخسارة على شعب قدّم تضحيات لا حصر لها من أجل حريته، فإن إعادة إنتاج الأسد أمر مستحيل، فالغوطة التي هي على بعد 10 كيلومترات من قصر الأسد، لا تزال عصية عليه بعد ست سنوات من الحصار والحرب التي استخدم فيها أقذر الأسلحة لاسيما، الكيميائي والتجويع.

يعرف الروس قبل غيرهم أن إعادة بشار الأسد إلى حكم سورية مستحيلة، ولذلك لن يكون أكثر من واجهة لهم، يحكمون من خلاله سورية التي باتت مقاديرها بيد الاحتلال الروسي الذي يتحكم بكل شيء.