لا جديد في صورة المصافحة الحميمية بين عبد الفتاح السيسي وبنيامين نتنياهو، سوى أن العلاقة السرية أخذت صفة الإشهار، لتدشّن مرحلة جديدة، لم يعد فيها السيسي مضطراً لإطفاء أنوار الاتحادية، حتى يتسلل رئيس الحكومة الصهيوني إلى مقر الحكم في مصر، خفيةً، ولا أن يتخفّى السيسي، وهو ذاهب لتلبية استدعاء من نتنياهو، للقاء في مدينة العقبة، كما جرى في العام الماضي.
كتبت قبل أيام إن”إسرائيل مصدر السلطات” في نظر السيسي، وأي سيسي آخر، يطمح في تولي السلطة، أو الحفاظ عليها، في هذا البلد العربي أو ذاك، بل باتت إسرائيل تشعر بالحرج من هذه الهرولة إليها، طلباً للرضا واستجداءً للدعم.
كنا نتندر على أنور السادات حين قال عبارته الشهيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية في تلك الأيام مناحم بيغن”إنت كده بتحرجني مع شعبي”، عند إغارة طيران العدو الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي، وتدميره، عقب اجتماع بينهما.

من ثمانينات القرن الماضي، حيث السادات وبيغن، إلى التاسع عشر من سبتمبر/ أيلول 2017 تبدلت المواقع، واختلفت رتوش الصورة، حتى أن  ملامح وجه بنيامين نتنياهو وهو يرى السيسي يمعن في إظهار فرحته بالجلوس معه في نيويورك، ويبالغ في إبداء حميمية اللحظة وحرارتها، تشي باستشعار الحرج، إلى الحد الذي لن يكون مستغرباً معه أن يكون نتنياهو قد همس في أذن السيسي، وهو يحاول تخليص يده من قبضته الحارة “لا تحرجني أمام شعبي”.

إسرائيل بصدد حالة مصرية غير مسبوقة، تختلف كليا عن حالة السادات وحسني مبارك، وكما وصفت سابقاً فإن  السيسي قرّر أن يتفوق على أستاذه، مبارك، في الالتحاق بالتصور الإسرائيلي، وانتقلت المسألة من براغماتية وضيعة، لضمان الرضا والبقاء في الحكم، إلى التماهي التام مع الإرادة الصهيونية، بل والمزايدة على تل أبيب في كراهيتها لكل فعل عربي رافض ومقاوم لاحتلالها.