نسلط الضوء الليلة على مسألة علاقة الشباب بالقرآن بين الهجر والوصل وأثر ذلك على الواقع, القرآن الذي كان يُحفظ بصدور الشباب و يُكتب في ذاكرتهم و لا يُدوّن إلا  في بعض الرقاع و اللخاف و العسب و الأكتاف حتى أتت موقعة اليمامة التي استشهد فيها 70 من حفظته ليتم تدوينه في كتاب خوفا من أن يضيع  . بقي القرآن منذ تلك الحادثة محفوظا في الكتاب و لكنه خرج من صدور الكثير من الشباب و لم يعد محفوظا في القلوب والألباب واتخذوه مهجورا فظهرت تجليات  ذلك على الواقع في الأمة الإسلامية عبر العصور,واقع اجتماعي و اخلاقي و قيمي و حتى على الصعيد السياسي والثقافي هو واقع مرتبط بشكل أساسي بعلاقة الوصل و الهجر بالقرآن و لعل مقولة عمر بن الخطاب بعد حادثة اليمامة تلخص كل ابعاد هذه العلاقة حينما قال ” إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن و إني أخشى أن يستحر القتلُ بالقراء بالمواطن”

وفي هذا تقول ضيفتنا الكاتبة والمدونة رابعة الدلالي:

علاقتنا مع القرآن الكريم عادة ما تشهد مدّا و جزرا بين كفّتي الهجر و الوصل … و حتّى لا نميل كل الميل للأولى و نعي متطلبات الثانية، وجب علينا التدقيق في كنه الهجر لنحقق الوصل… قد صنف ابن القيم الهجر في خمسة عناصر بحضورها يحضر القرآن جليا في واقعنا سواء الشخصي أو العام . إذ أن القرآن الكريم لن يحقق فينا، فرادى و جماعات، ما حققه في الجيل القرآني الأول إلا إذا فهمنا جيدا كيمياء التعامل معه.