إذا كان الإنسان مٌطالبَاً بأن ينظر إلى الأمام كثيراً فهو في حاجة إلى النظر إلى الخلف ولو قليلاً.
فكما يهتم بمستقبله كثيراً يجب أن يهتم بتاريخه ولو قليلاً، فالتاريخ هو الذاكرة الحيَّة المتجددة، والوعي به يعني الوعي بالحياة،وبالحاضر،وبالمستقبل.
والتاريخ لا ينزع عن نفسه ثوباً قد اخترق واهترأ إلا ليتسربل بثوب جديد، فما أشبه الليلة بالبارحة، وهكذا يعيد التاريخ نفسه، فيأتي في المرة الأولى كمأساة وفي الثانية كملهاة كما قال أحد الفلاسفة.
ويفقد الإنسان ذاكرته إذا لم يقرأ التاريخ، ويفقد وعيه إذا نظر للتاريخ على أنه قصص وحكايات فلا يعي ما فيها ولا يتعلم من أخطائه. إن وراء هذه القصص والحكايات أسباب ودوافع، وأحداث ووقائع، ونتائج وتوابع.
التاسع من نيسان ابريل هو أحد تمظهرات التاريخ في عصرنا الحديث، يوم فرض عليه قدر الله أن يكون فاصلا و ربما مؤلما في تاريخ العرب من مغربهم إلى مشرقهم،
إبتداء بالمجزرة التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في تونس عام ثمانية وثلاثين ليصير بعدها هذا اليوم عيدا للشهداء فيها، مرورا بدير ياسين و مجزرة الاحتلال الصهيوني الفظيعة التي ارتكبتها عصاباته، وصولا إلى تغيير التاريخ و إنهاء الإستشراق و ميلاد الشرق الأوسط الجديد في مثل هذا اليوم منذ أربعة عشر عاما عندما سقطت بغداد، ليأبى هذا التاريخ إلا أن يكرر لنا نفسه من جديد في هذه السنة لكن هذه المرة في مصر، في يوم يعتبر أسود في تاريخها .. اكتظ بصوت التفجيرات و لون الدماء ليطرح التساؤل الكبير حول مآلات هكذا جريمة وإن كان من نتائج تكرارها مستقبلا انفصال وقع من قبل في الجار السودان.a