دخلت قوات روسية إلى سورية، نهاية سبتمبر/ أيلول سنة 2015، بـ “طلب من الأسد” كما أعلنت موسكو، تحت هدف “محاربة تنظيم الدولة”، بعد أن أعلن الأسد أنه لم يبقَ من قواته ما يسمح بسيطرته على سورية. على أساس أن مهمتها لا تتجاوز ثلاثة أشهر. لكنها لا تزال في سورية بعد سنتين، ولا تزال تشارك في الصراع، وبوحشية.

وعادت وأكدت أنها مَنْ حمى النظام من السقوط، وظهر ذلك واضحاً في خطتها العسكرية التي ركزت على المناطق التي لم يكن لـ”داعش” فيها وجود، أي في الشمال والشمال الغربي والوسط ومحيط دمشق وجنوب سورية. بمعنى أن عنوان “تنظيم الدولة” لم يكن سوى مبرّر للتدخل لمنع سقوط النظام، ليس حباً به، بل لأن لروسيا مصالح ومطامح إستراتيجية، دفعتها إلى استغلال لحظة ضعف النظام وإيران بكل قواتها التي أرسلتها، من أجل فرض وجودها العسكري، ومن ثم التحكم بمصير سورية.

لكن تدخلها لم يعد “تمرينا عسكريا”، بل بات يستنزف اقتصاد البلد، ولم يعد يُظهر قوة روسيا، بل ضعفها بعد أن فشلت في سحق الثورة، وهذا ما دفعها إلى المناورة من خلال سياسة “خفض التوتر”، وعقد صفقات مع الجيش الحرّ في مناطق عديدة، وأيضاً الحوار في أستانة مع من كانت تعتبرهم إرهابيين. استخدمت كل الأسلحة الحديثة، وجرّبت سلاحها المتطور وجيوشها، وقامت بعملية تدمير واسعة، أكملت ما بدأ به النظام. لكنها لم تستطع النصر كما طمح فلاديمير بوتين. وباتت الأشهر الثلاثة سنتين، وربما سنوات أخرى. واعتبار أن تكلفة التدخل هي تكلفة تمرين عسكري، كما أشار، تبخّرت لتستنزف قدرات روسيا التي تعاني من الحصار الأميركي والأوروبي، نتيجة تدخلها في أوكرانيا. وتركيزها على استخدام الطائرات الحربية فقط جرّ إرسال قوات برية و”شرطة عسكرية”، وكذلك شركات أمنية تضم متطوعين ومتقاعدين روسا.

تخريب يُضعف بيئة الثورة، ويربك الكتائب المسلحة، ويشوّش على دورها.